فى رحاب الله
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


كل مايخص الدين الاسلامي
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 أحكام الجنائز للألباني الجزء السادس

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
محمد خيري
مشرف عام
محمد خيري


المساهمات : 6
تاريخ التسجيل : 04/01/2013

أحكام الجنائز للألباني الجزء السادس Empty
مُساهمةموضوع: أحكام الجنائز للألباني الجزء السادس   أحكام الجنائز للألباني الجزء السادس Emptyالجمعة يناير 04, 2013 11:00 pm

109-ويجوز إخراج الميت من القبر لغرض صحيح ، كما لو دفن قبل غسله وتكفينه ونحو ذلك ، لحديث جابر بن عبد الله قال:أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أبي بعد ما أدخل حفرته ،فأمر به فأخرج ،فوضعه على ركبتيه ،ونفث عليه من ريقه ،وألبسه قميصه ( قال جابر: وصلى عليه ) ،فالله أعلم ،وكان كسا عباسا قميصا )" أخرجه البخاري (3/167)والسياق مع الزيادة الاخيرة له،ومسلم (8/120)والنسائي (1/284)والزيادة الاولى له ،وابن الجارود (260)والبيهقي (3/402) وأحمد (3/381) من طريق عمرو بن دينار سمعه من جابر .
وله طريق أخرى : عن أبي الزبى عن جابر قال : " لما مات عبد الله بن أبي ، أتي ابنه النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إن لم تأته لم نزل نعير بهذا ، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم فوجده قد أدخل في حفرته ، فقال: أفلا قبل إن تدخلوه؟ فأخرج من حفرته فتفل عليه من قرنه إلى قدمه،وألبسه قميصه " .أخرجه أحمد (3/371) والطحاوي في " المشكل " (1/14/15) بسند على شرط مسلم ، لكن أبو الزبير مدلس وقد عنعه .
110 - ولا يستحب للرجل أن يحفر قبره قبل أن يموت ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك هو ولا أصحابه ، والعبد لا يدري أين يموت ، وإذا كان مقصود الرجل الاستعداد للموت ، فهذا يكون من العمل الصالح .
كذا في " الاختيارات العلمية " لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى .
(15)
التعزية
111 - وتشرع تعزية أهل الميت ، وفيه حديثان :
الاول : عن قرة آلمزني رضي الله عنه قال : " كان نبي الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس ، يجلس إليه نفر من أصحابه،وفيهم رجل له ابن صغير ، يأتيه من خلف ظهره فيقعده بين يديه ، ( فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : تحبه ؟ فقال : يا رسول الله أحبك الله كما أحبه ! ) ، فهلك ، فامتنع الرجل أن يحضر الحلقة ، لذكر ابنه ، فحزن عليه ، ففقده النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : مالي لا أري فلانا ؟ فقالوا :يا رسول الله بنية الذي رأيته هلك ، فلقيه النبي صلى الله عليه وسلم : فسأله عن بنيه ؟ فأخبره بأنه هلك ، فعزاه عليه ، ثم قال يا فلان ؟ أيما كان أحب إليك :أن تمتع به عمرك، أو لا تأتي غدا إلى باب من أبواب الجنة إلى وجدته قد سبقك إليه يفتحه لك ؟ قال :يا نبي الله ! بل يسبقني إلى باب الجنة فيفتحها إلى ، لهو أحب إلى ، قال : فذلك لك ، ( فقال رجل ( من الانصار ) : يا رسول الله ( جعلني الله فداءك ة أله خاصة أو لكلنا ؟ قال : بل لكلكم ) " .أخرجه النسائي (1/296) والسياق له ، وابن حبان في " صحيحه " ، والحاكم (1/384) وأحمد (5/35) وقال الحاكم : " صحيح الاسناد " ، ووافقه الذهبي ، وهو كما قالا .
وأخرج النسائي أيضا (1/264) نحوه ،وكذا البيهقي (4/59و60) إلا أنه لم يسبق أوله بتمامه،وعنده الزيادات كلها إلى الاولى . وللحديث شاهد في " المجمع " (3/10) .
الثاني : عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من عزي أخاه المؤمن في مصبته كساه الله حلة خضراء يجبرها بها يوم القيامة ، قيل : يا رسول الله ما يجبر ؟ قال : يغبط " .أخرجه الخطيب في " تاريخ بغداد " (7/397) وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (15/91/1) . وله شاهد عن طلحة بن عبيد الله بن كريز مقطوعا .
أخرجه ابن أبي سيبة في " المصنف " (4/164) ، وهو حديث حسن بمجموع الطريقين كما بيته في " إرواء الغليل في تخريج احاديث منار السبيل " رقم (756) .
واعلم أن الاستدلال بهذين الحديثين - لا سيما الاول منهما -على التعزية أولى من الاستدلال عليها بحديث : " من عزى مصابا فله مثل أجره "،وإن جرى عليه جماهير المصنفين ، لانه حديث ضعيف من جميع طرقه كما بينه النووي في " المجموع "(5/305) والعسقلاني في " التلخيص "(5/251)وفي " إرواء الغليل " (رقم757).
112 -ويعزيهم بما يظن أنه يسليهم،ويكف من حزنهم ،ويحملهم على الرضا والصبر ، مما يثبت عنه صلى الله عليه وسلم ، إن كان يعلمه ويستحضره ، وإلا فبما تيسر له من الكلام الحسن الذي يحقق الغرض ولا يخالف الشرع ، وفي ذلك أحاديث :
الاول : عن أسامة بن زيد قال : " أرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض ، بناته : أن صبيا لها ، أبنا أو ابنة ،( وفي رواية :أميمة بنت زينب) قد احتضرت، فاشهدنا ،قال فأرسل إليها يقرأها السلام ويقول :" إن لله ما أخذ ، و ( لله ) ما أعطي ، وكل شئ عنده إلى أجل مسمى فالتصبر ، ولتحتسب " .
فأرسلت تقسم عليه ( ليأتينها ) ، فقام،وقمنا ، فرفع الصبي إلى حجر - أو في حجر - رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونفسه تقعقع ( كأنها في شنة ) وفي القوم سعد بن عبادة ،(ومعاذ بن جبلSmile وأبي ( بن كعب ) أحسب ( وزيد بن ثابت،ورجال ) ففاضت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له سعد : ما هذا يا رسول الله ( وقد نهيت عن البكاء ) ؟ قال Sad إنما ) هذه رحمة يضعها الله في قلوب من يشاء من عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء " .أخرجه البخاري (3/120-122) ومسلم (3/39) وأبو داود (2/58) والنسائي (1/263)وابن ماجه (1/280) والبيهقي (4/65-68-69) وأحمد (5/204-206- 207) والسياق له وكذا الرواية الثانية ، والزيادة الاولى والسابعة والثامنة ، وهي جميعا عند البيهقي ،والزيادة الثانية للشيخين والنسائي والبيهقي والثالثة لهم ، وكذا الرابعة والخامسة جميعا إلا مسلما ، والسادسة للبخاري والنسائي .
قلت : وهذه الصيغة من التعزية وإن وردت فيمن شارف الموت فالتعزية بها فيمن قد مات أولى بدلالة النص ، ولهذا قال النووي في " الاذكار " وغيره : " وهذا الحديث أحسن ما يعزي به " .
الثاني : عن بريدة بن الحصيب قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعهد الانصار ، ويعودهم ، ويسأل عنهم ، فبلغه عن امرأة من الانصار مات ابنها وليس لها غيره وأنها جزعت عليه جزعا شديدا ، فأتاها النبي صلى الله عليه وسلم ( ومعه أصحابه ، فلما بلغ باب المرإة ، قيل للمرأة : إن نبي الله يريد أن يدخل ، يعزيها ، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أما إنه بلغني أنك جزعت على ابنك ، فأمرها بتقوى الله وبالصبر ، فقالت : يا رسول الله ( مالي لا أجزع و ) أني امرأة رقوب لا ألاد ،ولم يكن لي غيره ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الرقوب : الذي يبقى ولدها ،ثم قال: مامن امرئ أو امرأة مسلمة يموت لها ثلاثة أولاد[ يحتسبهم] إلا أدخله الله : بهم الجنة،فقال عمر [ وهو عن يمين النبي صلى الله عليه وسلم ]: بأبي أنت وأمي واثنين ؟ قال:وأثنين ) .أخرجه الحاكم (1/384) وقالSad صحيح الاسناد )،ووافقه الذهبي .
قالت : بل هو على شرط مسلم فان رجاله كلهم رجال صحيحه ، لكن أحدهم فيه ضعف من قبل حفظه . لكن لا ينزل حديثه هذا عن رتبه الحسن .
والحديث أورده الهيثمي في (المجمع) (3/Coolبنحوه والزيادات منه وقالSadرواه البزار ورجاله رجال الصحيح).
الثالث :قوله صلى الله عليه وسلم حينما دخل على أم سلمة رضي الله عنها عقب موت أبي سلمة Sadاللهم اغفر لابي سلمة،وارفع درجته في المهديين ،واخلفه في عقبه في الغابرين ، واغفر لنا وله يا رب العالمين ، وافسح له في قبره ، ونور له فيه ) أخرجه مسلم وغيره ، وقد مضى بتمامه في المسألة (17) (ص 12) .
الرابع : قوله صلى الله عليه وسلم في تعزيته عبد الله بن جعفر في أبيه Sad اللهم اخلف جعفرا في أهله ، وبارك لعبد الله في صفقة يمينه ، قالها ثلاث مرات ).أخرجه أحمد بسند صحيح في أثناء حديث يأتي بتمامه في المسألة التالية .
113 - ولا تحد التعزية بثلاثة أيام لا يتجاوزها ،بل متى رأى الفائدة في التعزية أتى بها ، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه عزى بعد الثلاثة في حديث عبد الله بن جعفر رضي الله ثعالى عنهما قال : ( بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشا استعمل عليهم زيد بن حارثة وقال : فإن قتل زيد أو استشهد فأميركم جعفر ، فإن قتل أو استشهد فأميركم عبد الله بن رواحة ، فلقوا العدو ، فأخذ الراية زيد فقاتل حتى قتل ، ثم أخذ الراية جعفر فقاتل حتى قتل ، ثم أخدها عبد الله فقاتل حتى قتل،ثم أخذ الراية خالد بن الوليد ففتح الله عليه ، وأتى خبرهم النبي صلى الله عليه وسلم ، فخرج إلى الناس فحمد الله وأثنى عليه وقال : إن اخوانكم لقوا العدو ، وإن زيدا أخذ الراية فقاتل حتى قتل واستشهد ، ثم... ثم... ثم أخذ الراية سيف من سيوف الله خالد بن الوليد ففتح الله عليه ، فأمهل ، ئم أمهل آل جعفر ثلاثا أن يأتيهم ، ثم أتاهم فقال : لا تبكوا على أخي بعد اليوم ، ادعوا لي ابني أخي ، قال : فجئ بنا كأنا أفرخ ، فقال : ادعو لي الحلاق ، فجيئ بالحلاق ، فحلق رؤوسنا ثم قال : أما محمد فشبيه عمنا أبي طالب . وأما عبد الله فشبيه خلقي وخلقي ، ثم أخذ بيدي فأشالها فقال : اللهم اخلف جعفرا في أهله ، وبارك لعبد الله في صفقة يمينه ، قالها ثلاث مرات . قال : فجاءت أمنا فذكرت له يتمنا،وجعلت تفرح له ،فقال : العيلة تخافين عليهم وأما وليهم في الدنيا والاخرة!؟) .أخرجه أحمد (رقم 1750) بإسناد صحيح على شرط مسلم ، ومن طريقة الحاكم (3/ 298) قطعة منه،وروى أبو داود والنسائي منه قصة الامهال ثلاثا مع الحلق،وتقدم بعضه في المسألة (18) (ص21) ، وقال الحاكم : ( صحيح الاسناد ) ، ووافقه الذهبي .
وللحديث شاهد ذكره في المسند (3/467) وفيه ضعف .
وقد ذهب إلى ما ذكرنا من أن التعزية لا تحد بحد جماعة من أصحاب الامام أحمد كما في (الانصاف ) (2/ 564) وهو وجه في المذهب الشافعي ، قالوا : لان الغرض الدعاء والحمل على الصبر والنهي عن الجزع ، وذلك يحصل مع طول الزمان . حكاه إمام الحرمين وبه قطع أبو العباس ابن القاص من أئمتهم ، وإن أنكره عليه بعضهم فإنما ذلك من طريق المعروف من المذهب لا الدليل . انظر ( المجموع ) (5/306) .
114 - وينبغي اجتناب أمرين وإن تتابع الناس عليهما :
أ - الاجتماع للتعزية في مكان خاص كالدار أو المقبرة أو المسجد .
ب - اتخاذ أهل ، الميت الطعام لضيافة الواردين للعزاء .
وذلك لحديث جرير بن عبد الله البجلى رضي الله عنه قال : ( كنا نعد ( وفي رواية : نرى ) الاجتماع إلى أهل الميت ، وصنيعة الطعام بعد دفنه من النياحة ) .أخرجه أحمد (رقم 6905) وابن ماجه (1/490) والرواية الاخرى له وإسناده صحيح على شرط الشيخين في ، وصححه النووي (5/320) والبوصيري في (الزوائد)
115-وإنما السنة أن يصنع أقرباء الميت وجيرانه لاهل الميت طعاما يشبعهم، لحديث عبد الله بن جعفر رضي الله عنه قال Sad لما جاء نعي جعفر حين قتل قال النبي صلى الله عليه وسلم : اصنعوا لال جعفر طعاما ،فقد أتاهم أمر يشغلهم،أو أتاهم ما يشغلهم). أخرجه أبو داود (2/59) والترمذي (2/134) وحسنه وابن ماجه (1/490) ، وكذا الشافعي في ( الام ) (1/ 247) والدار قطني (194،197) والحاكم (1/372) والبيهقي (4/61) وأحمد (1/175) وقال الحاكم : ( صحيح الاسناد ) . ووافقه الذهبي .
وصححه ابن السكن أيضا ، كما في ( التلخيص ) (5/253) ، وهو عندي حديث حسن كما قال الترمذي ، فإن له شاهدا من حديث أسماء بنت عميس ، وقد بينت ذلك في ( التعليقات الجياد ) .
وقد ( كانت عائشة تأمر بالتلبين للمريض ، وللمحزون على الهالك،وتقول:إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول Sad إن التلبينة تجم فؤاد المريض وتذهب ببعض الحزن ).أخرجه البخاري(10/119-120) واللفظ له ومسلم(7/26) والبيهقي(4/61) وأحمد (6/155) .
116 -ويستحب مسح رأس اليتيم وإكرامه، لحديث عبد الله بن جعفر قالSadلو رأيتني وقثم وعبيد الله بن عباس ونحن صبيان نلعب ،إذ مر النبي صلى الله عليه وسلم على دابة فقال : إرفعوا هذا إلي، قال فحملني أمامه ، وقال : لقثم : ارفعوا هذا إلي، فحمله وراءه ، وكان عبيد الله أحب ألى عباس من قثم ، فما استحى من عمه أن حمل قثما وتركه ، قال :ثم مسح على رأسي ثلاثا، وقال كلما مسح : اللهم اخلف جعفرا في ولده ، قال:قلت لعبد الله:ما فعل قثم ؟ قال ،: استشهد ، قال : قلت : الله أعلم ورسوله بالخير ، قال : أجل ) .أخرجه أحمد (1760) والسياق له والحاكم (1/372) والبيهقي (4/60) وإسناده حسن ، وقال الحاكم : ( صحيح ) ووافقه الذهبي .
ما ينتفع به الميت
117 - وينتفع ، الميت من عمل غيره بأمور :
أولا : دعاء المسلم له ،إذا توفرت فيه شروط القبول،لقول الله تبارك وتعالى :{ والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنو ربنا إنك رؤوف رحيم } . [ سورة الحشر 10 ] .
وأما الاحاديث فهي كثيرة جدا ، وقد سبق بعضها ، ويأتي بعضها في زيارة القبور ، ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم لهم ، وأمره بذلك .ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: ( دعوة المرء المسلم لاخيه بظهر الغيب مستجابة ، عند رأسه ملك موكل ، كلما دعا لاخيه بخير ، قال الملك الموكل به : آمين ولك بمثل ) .أخرجه مسلم (8/86،87) والسياق له ، وأبو داود (1/240) وأحمد (6/452) من حديث أبي الدرداء . : بل ، إن صلاة الجنازة جلها شاهد لذلك ، لان غالبها دعاء للميت . واستغفار له ، كما تقدم بيانه .
ثانيا : قضاء ولي الميت صوم النذر عنه ، وفيه أحاديث :
الاول : عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قالSad من مات وعليه صيام،صام عنه وليه ).أخرجه البخاري (4/156) ومسلم (3/155) وأبو داود (1/ 376) ، ومن طريقه البيهقي (6/279) والطحاوي في مشكل الاثار (3/140،141) وأحمد (6/69) .
الثاني : عن ابن عباس رضي الله عنه : ( أن امرأة ركبت البحر فنذرت.إن الله تبارك وتعالى أنجاها أن تصوم شهرا ، فأنجاها الله عز وجل ، فلم تصم حتى ماتت، فجاءت قرابة لها [ إما أختها أو ابنتها ] إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرت ذلك له،فقال : [ أرأيتك لو كان عليها دين كنت تقضينه ؟قالت : نعم . قال :فدين الله أحق أن يقضى]، [ فـ] اقض [ عن أمك ] ) . أخرجه أبو داود (2/81) والنسائي (2/143) والطحاوي (3/140) والبيهقي (4/255،256،10/85) والطيالسي (2630) وأحمد (1861،1970،3137،3224،3420) والسياق مع الزيادة الثانية له ، وإسناده [ صحيح على شرط الشيخين ، والزيادة الاولى لابي داود والبيهقي .
وأخرجه البخاري (4/158-159) ومسلم (3/156) والترمذي (2/42-43) وصححه،وابن ماجه (1/535) بنحوه ، وفيه عندهم جميعا الزيادة الثانية ، وعند مسلم الاخيرة .
الثالث : عنه أيضا . ( أن سعد بن عبادة رضي الله عنه استفتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:إن أمي ماتت وعليها نذر ؟ فقال : اقضه عنها ).أخرجه البخاري (5/400، 494) ومسلم (6/76) وأبو داود (2/81) والنسائي (2/130،144) والترمذي (2/375) وصححه البيهقي (4/256،6/ 278،10/85) والطيالسي (2717) وأحمد (1893،3049، 6/ 47) .
ثالثا : قضاء الدين عنه من أي شخص وليا كان أو غيره ، وفيه أحاديث كثيرة سبق ذكر الكثير منها في المسألة ( 17 ) .
رابعا : ما يفعله الولد الصالح من الاعمال الصالحة ، فإن لوالديه مثل أجره ، دون أن ينقص من أجره شئ ، لان الولد من سعيهما وكسبهما ، والله عز وجل يقوله : { وأن ليس للانسان إلا ما سعى}، وقال رسول اللهصلى الله عليه وسلم: ( إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه ، وإن ولده من كسبه ).أخرجه أبو داود (2/108) والنسائي (2/211) والترمذي (2/287) وحسنه،والدارمي ( 2/247) وابن ماجه (2/2-430) والحاكم (2/46) والطيالسي (1580) وأحمد (6/41،126،127،162،173،193،201،202،220) وقال الحاكم: ( صحيج على شرط الشيخين ) ، ووافقه الذهبي ، وهو خطأ من وجوه لا يتسع المجال يانها :
وله شاهد من حديث عبد الله بن عمرو .
رواه أبو داود وابن ماجه وأحمد (2/179،204،214) بسند حسن .
ويؤيد ما دلت عليه الاية والحديث ، أحاديث خاصة وردت في انتفاع الوالد بعمل ولده الصالح كالصدقة والصيام والعتق ونحوه ، وهي هذه :
الاول :عن عائشة رضي الله عنها.( أن رجلا قال:إن أمي افتلتت نفسها[ ولم توص] ، وأظنها لو تكلمت تصدقت ، فهل لها أجر إن تصدقت عنها [ ولي أجر ] ؟ قال : نعم ، [ فتصدق عنها] ) .أخرجه البخاري (3/198،5/399-400) ومسلم (3/81،5/73) ومالك في (الموطأ ) (2/228) وأبو داود (2/15) والنسائي (2/129) وابن ماجه (2/160) والبيهقي (4/62،6/277-278) وأحمد (6/51) .
والسياق للبخاري في إحدى روايتيه ، والزيادة الاخيرة له في الرواية الاخرى ،وابن ماجه ، وله الزيادة الثانية ،ولمسلم الاولى .
الثاني :عن ابن عباس رضي الله عنه.( أن سعد بن عبادة-أخا بني ساعدة-توفيت أمه وهو غائب عنها ، فقال : يا رسول الله إن أمي توفيت ،وأنا غائب عنها ،فهل ينفعها إن تصدقت بشئ عنها ؟قال :نعم ،قال :فإني أشهدك أن حائط المخراف صدقة عليها) .أخرجه البخاري (5/297،301،307) وأبو داود (2/15) والنسائي (2/130) والترمذي (2/25) والبيهقي (6/278) وأحمد (3080-3504-3508) والسياق له
الثالث : عن أبي هريرة رضي الله عنه : ( أنه رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم : إن أبي مات وترك مالا ولم يوص فهل يكفر عنه أن أتصدق عنه ؟ قال : نعم ) . أخرجه مسلم (5/73) والنسائي (2/129) وابن ماجه (2/160) والبيهقي (6/278) وأحمد (2/371 ) .
الرابع : عن عبد الله بن عمرو : ( أن العاص بن وائل السهمي أوصى أن يعتق عنه مائة رقبة ، فأعتق ابنه هشام خمسين رقبة ، وأراد ابنه عمرو أن يعتق عنه الخمسين الباقية ، قال : حتى أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إن أبي أوصى أن يعتق عنه مائة رقبة ، وإن هشاما أعتق عنه خمسين ، وبقيت عليه خمسون ،أفأعتق عنه؟فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم Sadإنه لو كان مسلما فأعتقتم أو تصدقتم عنه، أو حججتم عنه بلغه ذلك ،(وفي رواية): فلو كان أقر بالتوحيد فصمت وتصدقت عنه نفعه ذلك ) . (أخرجه أبو داود في آخر(الوصايا)(2/15)والبيهقي(6/279)والسياق له،وأحمد(رقم 6704)والرواية الاخرى له،وإسنادهم حسن.
خامسا : ما خلفه من يعده من آثار صالحة وصدقات جارية ، لقوله تبارك وتعالى :{ ونكتب ما قدموا وآثارهم } ، وفيه أحاديث :
الاول :عن ابي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال Sadإذا مات الانسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة [أشياء] ،إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به ،أو ولد صالح يدعو له ).أخرجه مسلم (5/73)والسياق له والبخاري في(الادب المفرد) (ص Cool وأبو داود (2/15) والنسائي (2/129) والطحاوي في ( المشكل ) (1/85) والبيهقي(6/278) وأحمد (2/372) ، والزيادة لابي داود والبيهقي .
الثاني :عن أبي قتادة قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلمSad خير ما يخلف الرجل من بعده ثلاث : ولد صالح يدعو له ،وصدقة تجري يبلغه أجرها ،وعلم يعمل به من بعده ).أخرجه ابن ماجه (1/106)وابن حبان في ( صحيحه )(رقم 84،85) والطبراني في (المعجم الصغير) (ص79)وابن عبد البر في (جامع بيان العلم) (1/15)وإسناده صحيح كما قال المنذري في (الترغيب)(1/58)
الثالث :عن أبي هريرة أيضا قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلمSadإن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته ،علما علمه ونشره .وولدا صالحا تركه ،ومصحفا ورثه ،أو مسجدا بناه ،أو بيتا لابن السبيل بناه ،أو نهرا أجراه ،أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته يلحقه من بعد موته ).أخرجه ابن ماجه ( 1/106) بإسناد حسن ، ورواه ابن خزيمة في ( صحيحه ) أيضا والبيهقي كما قال المنذري .
الرابع :عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قالSad كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدر النهار،فجاءه أقوام حفاة عراة مجتابي النمار أو العباء،متقلدي السيوف ،[ وليس عليهم أزر ولا شئ غيرها ] عامتهم من مضر،بل كلهم من مضر ، فتمعر ( وفي رواية : فتغير - ومعناهما واحد ) وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى بهم من الفاقة ، فدخل،ثم خرج،فأمر بلالا فأذن وصلى [ الظهر ، ثم صعد منبرا صغيرا ] ، ثم خطب [ فحمد الله وأثنى عليه ] فقال : [ أما بعد فإن الله أنزل في كتابه ] :{ يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة ،وخلق منها زوجها ، وبث منهما رجالا كثيرا ونساء ، واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام،إن الله كان عليكم رقيبا } ، والاية التي في ( الحشر ) : { ويا أيها الذين آمنوا }اتقوا الله ولتنظر ننسى ما قدمت لغد واتقوا الله ، إن الله خبير بما تعملون . { ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون . لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة ،أصحاب الجنة هم الفائزون } . تصدقوا قبل أن يحال بينكم وبين الصدقة ] ، تصدق رجل من ديناره ، من درهمه ، من ثوبه ، من صاع بره ، [ من شعيره ] ، من صاع تمره ، حتى قال : [ ولا يحقرن أحدكم شيئا من الصدقة ] ،ولو بشق تمرة،[ فأبطؤوا حتى بان في وجهه الغضب ]،قال :فجاء رجل من الانصار بصرة [من ورق ( وفي رواية : من ذهب ) ] كادت كفه تعجز عنها ، بل قد عجزت [ فناولها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على منبره ] [ فقال : يا رسول الله هذه في سبيل الله ] ،[ فقبضها رسول الله صلى الله عليه وسلم ] ، [قام أبو بكر فأعطى ،ثم قام عمر فأعطى،ثم قام المهاجرون والانصار فأعطوا]، ثم تتابع الناس [ في الصدقات ] ، [ فمن ذي دينار ، ومن ذي درهم ، ومن ذي ، ومن ذي ] حتى رأيت كومين من طعام وثياب،حتى رأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتهلل كأنه مذهبة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من سن في الاسلام سنة حسنة فله أجرها ، و [مثل] أجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شئ ، ومن سن سنة في الاسلام سيئة كان عليه وزرها.و[مثل] وزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شئ ، [ ثم تلى هذه الاية : { ونكتب ما قدموا وآثارهم}] ، [ قال : فقسمه بينهم ] ) .أخرجه مسلم (3/88،89،8/61،62) والنسائي (1/ 355،356) والدارمي(1/126،127) والطحاوي . في ( المشكل ) (1/93،97)والبيهقي (4/175،176) والطيالسي (670) وأحمد (4/357،358،359،360،361،362) وابن أبي حاتم أيضا في ( تفسيره ) ، كما في ابن كثير (3/565) والزيادة التي قبل الاخيرة له ، وإسنادها صحيح ، وللترمذي (3/377) وصححه وابن ماجه (1/90) الجملتان اللتان قبل الزيادة المشار إليها مع الزيادتين فيهما .
وأما الزيادة الاولى فهي للبيهقي ،وما بعدها إلى الرابعة له ولمسلم ، والخامسه حتى الثامنة للبيهقي ، وعند الطيالسي الخامسة ، والتاسعة للدارمي وأحمد ، ولمسلم نحوها وكذا الطيالسي وأحمد أيضا ، والعاشرة والثانية عشر والخامسة عشر والتاسعة عشر للبيهقي ، والحادية عشر والسابعة عشر للطحاوي وأحمد ، والرابعة عشر للطيالسي ، والسادسة عشر والسابعة عشر لمسلم والترمذي وأحمد وغيرهم . والرواية الثانية للنسائي والبيهقي : والثالثة للطحاوي وأحمد

زيارة القبور :
118 -وتشرع زيارة القبور للاتعاظ بها وتذكر الاخرة شريطة أن لا يقول عندها ما يغضب الرب سبجانه وتعالى كدعاء المقبور والاستغاثة به من دون الله تعالى ، أو تزكيته والقطع له بالجنة ، ونحو ذلك ، وفيه أحاديث .
الاول:عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إني كنت نهيتكم عن زيارة القبور،فزوروها،[ فإنها تذكركم الاخرة]،[ ولتزدكم زيارتها خيرا ]،[ فمن أراد أن يزور فليزر ،ولا تقولوا هجرا] ) أخرجه مسلم (53/6،6/82) وأبو داود (2/72،131) ومن طريقة البيهقي (4/77) والنسائي (1/ 285،286،2/329،330)وأحمد (5/350،355 ،356،361) والزيادة الاولى والثانية له ، ولابي داود الاولى بنحوها وللنسائي الثانية والثالثة . قال النووي رحمه الله في ( المجموع ) (5/ 310):
والهجر : الكلام الباطل،وكان النهي أولا لقرب عهدهم من الجاهلية فربما كانوا يتكلمون بكلام الجاهلية الباطل ، فلما استقرت قواعد الاسلام ، وتمهدت أحكامه ، واشتهرت معالمه أبيح لهم الزيارة ، واحتاط صلى الله عليه وسلم بقوله Sad ولا تقولوا هجرا ) .
قلت : ولا يخفي أن ما يفعله العامة وغيرهم عند الزيارة من دعاء الميت والاستغاثة به وسوال الله بحقه . لهو من أكبر الهجر والقول الباطل ،فعلى العلماء أن يبينوا لهم حكم الله في ذلك ، ويفهموهم الزيارة المشروعة والغاية منها .وقد قال الصنعاني في ( سبل السلام) (2/162) عقب أحاديث في الزيارة والحكمة منهاSadالكل دال على مشروعية زيارة القبور وبيان الحكمه فيها، وأنها للاعتبار-...،فإذا خلت من هذه لم تكن مرادة شرعا) .
الثاني :عن أبي سعيد الخدري قا:قال رسول الله صلى الله عليه وسلمSad إني نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها،فإن فيها عبرة.[ ولا تقولوا ما يسخط الرب]).أخرجه أحمد(3/38،63 ،66) والحاكم (1/374-375)وعنه البيهقي(4/77)ثم قالSadصحيح على شرط مسلم )،ووافقه الذهبي وهو كما قالا .ورواه البزار أيضا والزيادة له كما في( مجمع الهيثمي )(3/58) وقال Sadوإسناده رجاله رجال الصحيح).
قلت : وهي عند أحمد بنحوها من طريق أخرى ، وإسنادها لا بأس به في المتابعات ، ولها شاهد من حديث عبد الله بن عمرو بلفظ البزار .أخرجه الطبراني في ( المعجم الصغير ) (ص 183) ورجاله موثقون .
الثالث : عن أنس بن مالك قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلمSad كنت نهتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها فإنها ترق القلب ، وتدمع العين ، وتذكر الاخرة ،ولا تقولوا هجرا ) .أخرجه الحاكم (1/376) بسند حسن ، ثم رواه (1/375،376) وأحمد (3/237،250) من طريق أخرى عنه بنحوه ، وفيه ضعف . وفي الباب عن أبي هريرة رضي الله عنه ، وسيأتي .
119 - والنساء كالرجال في استحباب زيارة القبور ، لوجوه :
الاول : عموم قوله صلى الله عليه وسلم( ..فزوروا القبور) فيدخل فيه النساء ،وبيانه : أن النبي صلى الله عليه وسلم لما نهى عن زيارة القبور في أول الامر . فلا شك أن النهي كان شاملا للرجال والنساء معا ، فلما قال ( كنت نهيتكم عن زيارة القبور ) كان مفهوما أنه كان يعني الجنسين ضرورة أنه يخبرهم عما كان في أول الامر من نهي الجنسين ، فإذا كان الامر كذلك ، كان لزاما أن الخطاب في الجملة الثانية من الحديث وهو قوله Sad فزوروها )إنما أراد به الجنسين أيضا.ويؤيده أن الخطاب في بقية الافعال المذكورة في زيادة مسلم في حديث بريدة المتقدم آنفا : ( ونهيتكم عن لحوم الاضاحي فوق ثلاث فأمسكوا ما بدا لكم ، ونهيتكم عن النبيذ إلا في سقاء فاشربوا في الاسقية كلها ولا تشربوا مسكرا ) ، أقول :فالخطاب في جميع هذه الافعال موجه إلى الجنسين قطعا ، كما هو الشأن في الخطاب الاول : ( كنت : نهيتكم ) ، فإذا قيل بأن الخطاب في قوله (فزوروها) خاص بالرجال ،اختل نظام الكلام وذهبت طراوته،الامر الذي لا يليق بمن أوتي جوامع الكلم ،ومن هو أفصح من نطق بالضاد،صلى الله عليه وسلم ،ويزيده تأييدا الوجوه الاتية:
الثاني :مشاركتهن الرجال في العلة التي من أجلها شرعت زيارة القبورSadفإنها ترق القلب وتدمع العين ) وتذكر الاخرة ) .
الثالث : أن النبي صلى الله عليه وسلم قد رخص لهن في زيارة القبور ، في حديثين حفظتهما لنا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها :
1 - عن عبد الله بن أبي مليكة Sad أن عائشة أقبلت ذات يوم من المقابر ،فقلت لها :يا أم المؤمنين من أين أقبلت ؟ قالت : من قبر عبد الرحمن بن أبي بكر ،فقلت لها : أليس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن زيارة القبور ؟قالت :نعم: ثم أمر بزيارتها ).وفي رواية عنها( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص في زيارة القبور ) .أخرجه الحاكم (1/376) وعنه البيهقي (4/78) من طريق بسطام بن مسلم عن أبي التياح يزيد بن حميد عن عبد الله بن أبي مليكة ، والرواية الاخرى لابن ماجه(1/475)
قلت : سكت عنه الحاكم،وقال الذهبي ( صحيح ) ، وقال البوصيري في ( الزوائد ) (988/1) : ( إسناده صحيح رجاله ثقات ).وهو كما قالا . وقال الحافظ العراقي في (تخريج الاحياء) (4/418)Sadرواه ابن أبي الدنيا في (القبور) والحاكم بإسناد جيد )
2 - عن محمد بن قيس بن مخرمة بن المطلب أنه قال يوما :ألا أحدثكم عني وعن أمي ؟ فظننا أنه يريد أمه التي ولدته ، قال : قالت عائشة : ألا أحدثكم عني وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قلنا : بلى : قالت Sad لما كانت ليلتي المتي كان النبي صلى الله عليه وسلم فيها عندي ، انقلب فوضع رداءه ، وخلع نعليه ، فوضعهما عند رجليه ، وبسط طرف إزاره على فراشه ، فاضطجع ، فلم يلبث إلا ريثما ظهر أنه قد رقدت ، فأخذ رداءه رويدا ، وانتعل رويدا ، وفتح الباب [رويدا] ، فخرج ، ثم أجافه رويدا ،فجعلت درعي في رأسي واختمرت :وتقنعت إزاري ،ثم انطلقت على اثره حتى جاء البقيع ، فقام فأطال القيام ، ثم رفع يديه ثلاث مرات ،ثم انحرف فانحرفت ، وأسرع فأسرعت . فهرول فهرولت . فأحضر فأحضرت ، فسبقته ، فدخلت ، فليس إلا أن اضجعت ، فدخل فقال ، مالك يا عائش حشيا رابية ؟قالت : قلت :لا شئ [ يا رسول الله ] ، قال : لتخبرني أو ليخبرني اللطيف الخبير ، قالت : قلت :يا رسول الله بأبي أنت وأمي ، فأخبرته [ الخبر ] ، قال : فأنت السواد الذي رأيت أمامي ؟ قلت : نعم ، فلهزني في صدري لهزة أوجعتي ، ثم قال : أظننت أن يحيف الله عليك ورسوله !؟ قالت :مهما يكتم الناس يعلمه الله ، [ قال ] :نعم قال فان جبريل أتاني حين رأيت فناداني - فأخفاه منك ، فأجبته ،فأخفيته منك، ولم يكن ليدخل عليك،وقد وضعت ثيابك وظننت أن قد رقدت ، فكرهت أن أو فظك .وخشيت أن تستوحشي -فقال :إن ربك يأمرك أن تأتي أهل البقيع فتستغفر لهم ،قالت : قلت:كيف أقول لهم يا رسول الله ؟قال :قولي :السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين ، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون ) .أخرجه مسلم (3/14) والسياق له والنسائي (1/286، 2/ 160،160- 161) وأحمد (6/221) والزيادات له إلا الاولى والثالثة فإنها للنسائي
الرابع : إقرار النبي صلى الله عليه وسلم المرأة التي رآها عند القبر في حديث أنس رضي الله عنه : ( مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بامرأة عند قبر وهي تبكي ، فقال لها : اتقي الله واصبري.. ) رواه البخاري وغيره ، وقد مضى بتمامه في المسألة (19) (ص 22 ) ، وترجم له ( باب زيارة القبور ) ، قال الحافظ في ( الفتح ) : ( وموضع الدلالة منه أنه صلى الله عليه وسلم لم ينكر على المرأة قعودها عند القبر ، وتقريره حجة ) . وقال العيني في ( العمدة ) (3/76) :
( وفيه جواز زيارة القبور مطلقا ، سواء كان الزائر رجلا أو امرأة : وسواء كان المزور مسلما أو كافرا ، لعدم الفصل في ذلك ) .
وذكر نحوه الحافظ أيضا في آخر كلامه على الحديث فقال عقب قوله(لعدم الاستفصال في ذلك):
(قال النووي : وبالجواز قطع الجمهور ، وقال صاحب الحاوي : لا تجوز زيارة قبر الكافر وهو غلط . انتهى ) .
وما دل عليه الحديث من جواز زيارة المرأة هو المتبادر من الحديث ، ولكن إنما يتم ذلك إذا كانت القصة لم تقع قبل النهي ، وهذا هو الظاهر ، إذا تذكرنا ما أسلفناه من بيان أن النهي كان في مكة ،وأن القصة رواها أنس وهو مدني جاءت به أمه أم سليم إلى النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة ، وأنس ابن عشر سنين،فتكون القصة مدنية ،فثبت أنها بعد النهي .فتم الاستدلال بها على الجواز ، وأما قول ابن القيم في ( تهذيب السنن ) ( 4 / 350 ) : ( وتقوى الله ، فعل ما أمر به وترك ما نهى عنه، ومن جملتها النهي عن الزيارة ) . فصحيح لو كان عند المرأة علم بنهي النساء عن الزيارة وأنه استمر ولم ينسخ ، فحينئذ يثبت قوله : ( ومن جملتها النهي عن الزيارة ) أما وهذا غير معروف لدينا فهو استدلال غير صحيح،ويؤيده أنه لو كان النهي لا يزال مستمرا لنهاها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الزيارة صراحة وبين ذلك لها ، ولم يكتف بأمرها بتقوى الله بصورة عامة ، وهذا ظاهر إن شاء الله تعالى .
120 - لكن لا يجوز لهن الاكثار من زيارة القبور والتردد عليها ،لان ذلك قد يفضي بهن إلى مخالفة الشريعة ، من مثل الصياح والتبرج واتخاذ القبور مجالس للنزهة ، وتضييع الوقت في الكلام الفارغ ، كما هو مشاهد اليوم في بعض ، البلاد الاسلامية ، وهذا هو المراد - إن شاء الله - بالحديث المشهور : ( لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( وفي لفظ : لعن الله ) زوارات القبور ).وقد روي عن جماعة من الصحابة : أبو هريرة ، حسان بن ثابت ،وعبد الله ابن عباس.
1-أما حديث أبي هريرة ، فهو من طريق عمر بن أبي سلمة عن أبيه عنه.أخرجه الترمذي (2/156- تحفة) وابن ماجه (1/478) وابن حبان 789) والبيهقي (4/78) والطيالسي (1/171- ترتيبه) وأحمد (2/337) ، واللفظ الاخر للطيالسي والبيهقي ، وقال الترمذي:
(حديث حسن صحيح ، وقد رأى بعض أهل العلم أن هذا كان قبل أن يرخص النبي في زيارة القبور.فلما رخص دخل في رخصته الرجال والنساء،وقال بعضهم : إنما كره زيارة القبور في النساء لقلة صبرهن وكثرة جزعهن ) .
قلت : ورجال إسناد الحديث ثقات كلهم ، غير أن في عمر بن أبي سلمة كلاما لعل حديثه لا ينزل به عن مرتبة الحسن،لكن حديثه هذا صحيح لما له من الشواهد الاتية .
2 - وأما حديث حسان بن ثابت ، فهو من طريق عبد الرحمن بن بهمان عن عبد الرحمن بن ثابث عن أبيه به.أخرجه ابن أبي شيبة (4/141) وابن ماجه (1/478) والحاكم (1/374) والبيهقي وأحمد (2/243) وقال البوصيري في ( الزوائد ) ( ق 98/2) : ( إسناده صحيح ، رجاله ثقات ) .
كذا قال ، وابن بهمان هذا لم يوثقه غير ابن حبان والعجلي ،وهما معروفان بالتساهل في التوثيق ، وقال ابن المديني فيه : ( لا نعرفه ) ، ولذا قال الحافظ في ( التقريب ) : ( مقبول ) يعني عند المتابعة ،ولم أجد له متابعا ، لكن الشاهد الذي قبله وبعده في حكم المتابعة ،فالحديث مقبول.
3 - وأما حديث ابن عباس ،فهو من طريق أبي صالح عنه باللفظ الاول إلا أنه قال : ( زائرات القبور )وفي رواية ( زوارات ).أخرجه ابن أبي شيبة(4/140)وأصحاب السنن الاربعة و ابن حبان(788)والحاكم والبيهقي والطيالسي والرواية الاخرى لهما،وأحمد(رقم2030،2603،2986،3118 ) وقال الترمذي Sadحديث حسن،وأبو صالح هذا مولى أم هاني بنت أبي طالب واسمه باذان،ويقال:باذام).
قلت : وهو ضعيف بل اتهمه بعضهم ، وقد أوردت حديثه في ( سلسلة الاحاديث الضعيفة ) لزيادة تفرد بها فيه ، وذكرت بعض أقوال الائمة في حاله فيراجع (223) .
فقد تبين من تخريج الحديث أن المحفوظ فيه إنما هو بلفظ (( زوارات)) لاتفاق حديث أبي هريرة وحسان عليه وكذا حديث ابن عباس في رواية الاكثرين،على ما فيه من ضعف فهي إن لم تصلح للشهادة فلا تضر،كما لا يضر في الاتفاق المذكور الرواية الاخرى من حديث ابن عباس كما هو ظاهر،وإذا كان الامر كذلك فهذا اللفظ ((زوارات ))إنما يدل على لعن النساء اللاتي يكثرن الزيارة .بخلاف غيرهن فلا يشملهن اللعن ،فلا يجوز حينئذ أن يعارض بهذا الحديث ما سبق من الاحاديث الدالة على استحباب الزيارة للنساء ، لانه خاص وتلك عامة . فيعمل بكل منهما في محله ،فهذا الجمع أولى من دعوى النسخ ،وإلى نحو ما ذكرنا ذهب جماعة من العلماء ، فقال القرطبيSad اللعن المذكور في الحديث إنما هو للمكثرات من الزيارة لما تقتضيه الصيغة من المبالغة، ولعل السبب ما يفضي إليه ذلك من تضييع حق الزوج والتبرج . وما ينشأ من الصياح ونحو ذلك وقد يقال : إذا أمن جميع ذلك فلا مانع من الاذن لهن ،لان تذكر الموت يحتاج إليه الرجال والنساء )
.قال الشوكاني في ( نيل الاوطار )(4/95) : (وهذا الكلام هو الذي ينبغي اعتماده في الجمع بين أحاديث الباب المتعارضة في الظاهر ) .
121 - ويجوز زيارة قبر من مات على غير الاسلام للعبرة فقط . وفيه حديثان:
الاول : عن أبي هريرة قال : ( زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه.فبكى : وأبكى من حوله ، فقال : استأذنت ربي في أن أستغفر لها ، فلم يؤذن لي ، واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي ، فزوروا القبور فإنها تذكر الموت ) .أخرجه مسلم (3/65) وأبو داود (2/72) والنسائي (1/286) وابن ماجه (1/476) (1/476) والطحاوي (3/189) والحاكم (1/375-376) وعنه البيهقي (4/76) وأحمد (2/441) .
الثاني : عن بريدة رضي الله عنه قالSad كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم [ في سفر،وفي رواية : في غزوة الفتح ] . فنزل بنا ونحن معه قريب من ألف راكب ، فصلى ركعتين ، ثم أقبل علينا بوجهه وعيناه تذرفان ، فقام إليه عمر بن الخطاب،فقداه بالاب والام ، يقول :يا رسول لله مالك ؟ قال: إني سألت ربي عز وجل في الاستغفار لامي ،فلم يأذن لي،فدمعت عيناي رحمة لها من النار،[ واستأذنت ربي في زيارتها فأذن لي ] ، وإني كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، ولتزدكم زيارتها خيرا ) . أخرجه أحمد (5/355،357،359) وابن أبي شيبة (4/139) والرواية الاخرى لهما وإسنادها عند ابن أبي شيبة صحيح ، والحاكم (1/376) وكذا ابن حبان (791) والبيهقي (4/76) والزيادة الاولى لها : والرواية الاخرى فيها لمن سبق ذكره ، والزيادة الاخرى للحاكم وقال : ( صحيح على شرط الشيخين ) ووافقه الذهبي ، وهو كما قالا : ورواه الترمذي مختصرا وصححه،وروى مسلم وغيره منه الاذن بالزيارة فقط كما تقدم في المسألة(118ص178)الحديث الاول .
والمقصود من زيارة القبور شيئان :
1-انتفاع الزائر بذكر الموت والموتى ، وأن مآلهم إما إلى جنة وإما إلى نار وهو الغرض الاول من الزيارة ، كما يدل عليه ما سبق من الاحاديث .
2-نفع الميت والاحسان إليه بالسلام عليه،والدعاء والاستغفار له،وهذا خاص بالمسلم، وفيه أحاديث :
الاول : عن عائشة رضي الله عنها Sadأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخرج إلى البقيع، فيدعو لهم ، فسألته عائشة عن ذلك ؟ فقال : إني أمرت أن أدعو لهم ) . أخرجه أحمد (6/252) بسند صحيح على شرط الشخين . ومعناه عند مسلم وغيره من طريق أخرى مطولا ، وقد مضى بتمامه في المسألة ( 119 ) .
الثاني : عنها أيضا قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما كان ليلتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج من آخر الليل فيقول : السلام عليكم [ أهل ] دار قوم مؤمنين ، وإنا وإياكم وما توعدن غدا مؤجلون ، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ، اللهم اغفر لاهل بقيع الغرقد ) . أخرجه مسلم (3/63) والنسائي (1/287) وابن السني (585) والبيهقي (4/79) وأحمد (6/180) وليس عنده الدعاء بالمغفرة ( والزيادة له ولابن السني .
الثالث : عنها أيضا في حديثها الطويل المشار إليه قريبا قالت : ( كيف أقول لهم يا رسول الله ؟ قال : قولي : السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ، ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين وإنا إن شاء الله بكم للاحقون ).أخرجه مسلم وغيره.
الرابع : عن بريدة قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر ، فكان قائلهم يقول :السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ، وإنا إن شاء الله [ بكم ] للاحقون ، [ أنتم لنا فرط ، ونحن لكم تبع ] ، أسأل الله لنا ولكم العافية ) .أخرجه مسلم (3/65) والنسائي وابن ماجه (1/469) ، وكذا ابن أبي شيبة) (4/138) وابن السني في (582) والبيهقي وأحمد (5/353،359،360)، والزيادتان لهم جميعا حاشا ابن ماجه ومسلما . والزيادة الثانية ، أخرجها ابن أبي شيج من حديث علي وإسناده صحيح ، ومن حديث سلمان ( وإسناده حسن ) وكلاهما موقوف عليهما .
الخامس : عن أبي هريرة : ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنى المقبرة فقال : السلام عليكم دار قوم مؤمنين ، وإنا إن شاء الله بكم لا حقون ، وددت أنا قد رأينا إخواننا ، قالوا : أو لسنا إخوانك يا رسول الله . قال [ بل ] أنتم أصحابي ، وأخواننا الذين يأتون بعد ، [ وأنا فرطهم على الحوض ] ، فقالوا كيف تعرف من لم يأت بعد من أمتك يا رسول الله : فقال أرأيتم لو أن رجلا له خيل غر محجلة ، بين ظهري خيل دهم بهم ألا يعرف خيله ؟ قالوا بلى يا رسول الله.قال:فأنهم يأتون[ يوم القيامة ] عرا محجلين من الوضوء . [ يقولها ثلاثا ] ، وأنا فرطهم على الحوض . ألا ليذادن رجال [ منكم ] عن حوضي كما يذاد البعير الضال ، أناديهم : ألا هلم [ ألا هلم ] . فيقال : إنهم قد بذلوا بعدك ، [ ولم يزالوا يرجعون على أعقابهم ] ، فأقول : [ ألا ] ، سحقا سحقا ) . اخرجه مسلم (1/150-151) ومالك (1/49-50) والنسائي (1/35) وابن ماجه(2/ 580) والبيهقي(4/78) وأحمد (2/300،408) والزيادات كلها له إلا الاخيرتين فإنها لابن ماجه ،ولمالك الثلاثة الاولى مع السادسة ، وللنسائي الاولى والثالثة .
وفي الباب عن بشير بن الخصاصية ، وقد ذكرت لفظه في التعليق على المسألة (88) ، (ص 135) وعن ابن عباس ، وفيه ضعف كما يأتي التنبيه عليه في خاتمة المسألة الاتية بعد مسألة ، وعن عمر وغيره ، وفيها ضعف كما بينه الحافظ الهيثمي في ( المجمع ) (3/60) .
122-وأما قراءة القرآن عند زيارتها ، فمما لا أصل له في السنة ، بل الاحاديث المذكورة في المسألة السابقة تشعر بعدم مشروعيتها ، إذ لو كانت مشروعة ، لفعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلمها أصحابه ، لا سيما وقد سألته عائشة رضي الله عنها-وهي من أحب الناس إليه صلى الله عليه وسلم-عما تقول إذا زارت القبور؟ فعلمها السلام والدعاء . ولم يعلمها أن تقرأ الفاتحة أو غيرها من القرآن،فلو أن القراءة كانت مشروعة لما كتم ذلك عنها ، كيف وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز كما تقرر في علم الاصول ، فكيف بالكتمان ،ولو أنه صلى الله عليه وسلم علمهم شيئا من ذلك لنقل إلينا،فإذ لم ينقل بالسند الثابت دل على أنه لم يقع.ومما يقوي عدم المشروعية قوله صلى الله عليه وسلم Sad لا تجعلوا بيوتكم مقابر،فإن الشيطان يفر من البيت الذي يقرأ فيه سورة البقرة ) أخرجه مسلم (2/188) والترمذي (4/42) وصححه وأحمد (2/284،337، 378،388) من حديث أبي هريرة .
وله شاهد من حديث الصلصال بن الدلهمس .رواه البيهقي في (الشعب) كما في(الجامع الصغير) .
فقد أشار صلى الله عليه وسلم إلى أن القبور ليست موضعا للقراءة شرعا ، فلذلك حض على قراءة القرآن في البيوت ونهي عن جعلها كالمقابر التي لا يقرأ فيها ، كما أشار في الحديث الاخر إلى أنها ليست موضعا لصلاة أيضا ، وهو قوله : (( صلوا في بيوتكم ، ولا تتخذوها قبورا )) . أخرجه مسلم (2/187) وغيره عن ابن عمر ، وهو - عند البخاري بنحوه ، وترجم له بقوله : بـ( باب كراهية الصلاة في المقابر ) فأشار به إلى أن حديث ابن عمر يفيد كراهة الصلاة في المقابر،فكذلك حديث أبي هريرة يفيد كراهة قراءة القرآن في المقابر،ولا فرق .ولذلك كان مذهب جمهور السلف كأبي حنيفة ومالك وغيرهم كراهة للقراءة عند القبور ، وهو قول الامام أحمد فقال أبو داود في مسائله ( ص 158 ) Sad(سمعت أحمد سئل عن القراءة عند القبر؟ فقال :لا)).
123 - ويجوز رفع اليد في الدعاء لهما ، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت : ( خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة ، فأرسلت بريرة في أثره لتنظر أين ذهب ! قالت : فسلك نحو بقيع الغرقد ،فوقف في أدنى البقيع ثم رفع يديه،ثم انصرف، فرجعت إلي بريرة ، فأخبرتني، فلما أصبحت سألته ،فقلت :يارسول الله أين خرجت الليلة ؟ قال :بعثت إلى أهل البقيع لاصلي عليهم) . أخرجه أحمد (6/92) ، وهو في (الموطأ ) (1/239-240) وعنه النسائي (1/287) بنحوه ، لكن ليس فيه رفع اليدين ، وإسناده حسن . وقد ثبت رفع اليدين في قصة أخرى لعائشة رضي الله عنها تقدمت في المسألة (119) .
124 - ولكنه لا يستقبل القبور حين الدعاء لها ، بل الكعبة ، لنهيه صلى الله عليه وسلم عن الصلاة إلى القبور كما سيأتي ، والدعاء مخ الصلاة ولبها كما هو معروف فله حكمها ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( الدعاء هو العبادة ، ثم قرأ { وقال ربكم ادعوني أستجب لكم } .أخرجه ابن المبارك في ( الزهد ) (10/151) والبخاري في ( الادب المفرد ) رقم (714) وأبو داود (1/551- بشرح العون ) والترمذي (4/178،223) وابن ماجه (2/428-429) وابن حبان (2396) والحاكم (1/491) وابن منده في ( التوحيد ) (ق 69/1) وأحمد (4/167،271،276،277) وقال الحاكم : ( صحيح الاسناد ) ووافقه الذي وهو كما قالا ، وقال الترمذي : ( حديث حسن صحيح ) .
ورواه أبو يعلى من حديث البراءة بن عازب كما في (( الجامع الصغير )) . وفي الباب عن أنس بن مالك مرفوعا بلفظ : (( الدعاء مخ العبادة )) . أخرجه الترمذي (2234) وقال : ( حديث غرب من هذا الوجه لا نعرفه إلا من حديث ابن لهيعة ) .
قلت : وهو ضعيف لسوء حفظه ، فيستشهد به إلا ما كان من رواية أحد العبادلة عنه فيحتج به حينئذ ، وليس هذا منها ، لكن معناه صحيح بدليل حديث النعمان.قال الطيبي في شرحه :
( أتى بضمير الفصل والخبر المعرف باللام [ هو العبادة ] ليدل على الحصر ، وأن العبادة ليست غير الدعاء .وقال غيره : المعنى هو من اعظم العبادة فهو كخبر( الحج عرفة ) أي ركنه الاكبر ، وذلك لدلالته على أن فاعله يقبل بوجهه إلى الله ، معرضا عما سواه ، لانه مأمور به ، وفعل المأمور عبادة،وسماه عبادة ليخضع الداعي ويظهر ذلته ومسكنته وافتفاره،إذ العبادة ذل وخضوع ومسكنة ) .ذكره المناوي في ( الفيض).
قلت : فإذا كان الدعاء من أعظم العبادة فكيف يتوجه به إلى غير الجهة التي أمر باستقبالها في الصلاة ،ولذلك كان من المقرر عند العلماء المحققين أن(لا يستقبل بالدعاء إلا ما يستقبل بالصلاة) . قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في ( اقتضاء الصراط المستقيم ، مخالفة أصحاب الجحيم ) ( ص 175 ) :
((وهذا أصل مستمر أنه لا يستحب للداعي أن يستقبل إلا ما يستحب أن يصلي إليه ، ألا ترى أن الرجل لما نهي عن الصلاة إلى جهة المشرق وغيرها فإنه ينهى أن يتحرى استقبالها وقت الدعاء . ومن الناس من يتحرى وقت دعائه استقبال الجهة التي يكون فيها الرجل الصالح ،سواء كانت في المشرق أو غيره ، وهذا ضلال بين ، وشر واضح ، كما أن بعض الناس يمتنع من استدبار الجهة التي فيها بعض الصالحين،وهو يستدبر الجهة التي فيها بيت الله . وقبر رسول الله صلى الله عليه وسلم !وكل هذه الاشياء من البدع التي تضارع دين النصارى )) .
وذكر قبل ذلك بسطور عن الامام أحمد وأصحاب مالك أن المشروع استقبال القبلة بالدعاء حتى عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم بعد السلام عليه . وهو مذهب الشافعية أيضا ، فقال النووي في ( المجموع ) ( 5 / 311 ) :
وقال الامام أبو الحسن محمد بن مرزوق الزعفراني - وكان من الفقهاء المحققين - في كتابه في (( الجنائز )) : ( ولا يستلم القبر بيده : ولا يقبله ).قال Sadوعلى هذا مضت السنة) . قال: واستلام القبور وتقبيلها الذي يفعله العوام الان من المبتدعات المنكرة شرعا ، ينبغي تجنب فعله ، وينهى فاعله ) قالSad فمن قصد السلام على ميت سلم عليه من قبل وجهه،وإذا أراد الدعاء تحول عن موضعه ، واستقبل القبلة ).وهو مذهب أبي حنيفة أيضا،فقال شيخ الاسلام في ( القاعدة الجليلة ، في التوسل والوسيلة )( ص 125 ):
( ومذهب الائمة الاربعة :مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد وغيرهم من أئمة الاسلام أن الرجل إذا سلم على النبي صلى الله عليه وسلم ، وأراد أن يدعو لنفسه فإنه يستقبل القبلة ، واختلفوا في وقت السلام عليه ، فقال الثلاثة مالك والشافعي وأحمد : يست
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
أحكام الجنائز للألباني الجزء السادس
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
فى رحاب الله :: الفئة الأولى :: الفقه والعبادات-
انتقل الى:  
أحكام الجنائز للألباني الجزء السادس Fb110